لم يفق اليمنيون من هول الصدمة التي خلفتها جريمة استهداف وتدمير ميناء الحديدة ومصنع أسمنت باجل، من قبل الطيران الصهيوني، حتى اهتزت العاصمة صنعاء أرضا وجبالا وبيوتا وقلوبا من أبعد حي في جنوبها إلى أبعد منطقة في شمالها الذي تجاوزته ووصلت إلى مدينة عمران.
يومٌ مأساوي تحولت فيه العاصمة صنعاء إلى لوحة امتزجت ألوانها بالفجيعة والدمار والغبار الدخان الذي تصاعد من كل مكان مشكلا غيمة سوداء غطت سماء صنعاء وعكست مشاعر الحزن والحسرة والوجع في قلوب المواطنين الذين ضاعفت أوجاعهم ومعاناتهم رؤية كبريات مؤسساتهم الوطنية تحترق وتتدمر وتتحول إلى غبارٍ ورمادٍ ودخان في لحظات.
نصف قرن من البناء والتشييد ومؤسسات وبنية تحتية كلفت الشعب اليمني عشرات المليارات من الدولارات دمرتها عنتريات المليشيا الحوثية خلال ساعات، انتهت بإعلانها الاستسلام والتوقف عن استهداف الملاحة في البحر الأحمر، بقرار من طهران أعلنته مسقط التي حرصت على تقديمه كثمرة وساطة ظهرت فجأة من العدم.
وفيما كانت مليشيا الحوثي تتغنى بوهم انتصاراتها وتتهم إسرائيل بتجاوز الخطوط الحمراء وتتوعد برد قاس مؤكدة أنها لن تتوقف عن دعم غزة وستواصل هجماتها وقصفها أهدافا استراتيجية للعدو الصهيوني، أعلن الرئيس الأمريكي أن الحوثيين أعلنوا الاستسلام وأكدوا أنهم لم يعودوا يرغبون في القتال وأنهم سيتوقفون عن استهداف السفن الأمريكية والإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب.
إعلان الرئيس الأمريكي الذي جاء بعد ساعات على كارثة الدمار التي طالت بنية اليمن التحتية ومثل مفاجأة غير متوقعة للكثيرين وبدا من خلال تصريحات ناطق المليشيا بأنه مطلب حوثي تم الاتفاق عليه في وقت سبق العدوان الإسرائيلي، أثار موجة واسعة من السخط لدى اليمنيين الذين اعتبروا أن ما تعرضت له اليمن من دمار لم يكن سوى ثمنٍ قدمته المليشيا للتكفير عن أخطاءها ومغامراتها الطائشة.
وردا على ما أوردته وسائل الإعلام الحوثية من معلومات تتعلق بحجم الخسائر التي منيت بها إسرائيل جراء استهداف مطار "بن غوريون" والتي قدرتها بـ15 مليون دولار، أكد اقتصاديون أن حجم الخسائر الناجمة عن استهداف مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة ومصانع الأسمنت في عمران وباجل ومحطات توليد الكهرباء تتجاوز الـ20 مليار دولار.
وأشاروا إلى أن الحفرة التي صنعها الصاروخ الحوثي في منطقة زراعية بعيدة عن مطار بن غوريون، كلفت اليمن عشرات المليارات وصنعت حفرا وجروحا غائرة في قلوب وضمائر اليمنيين، مؤكدين أن الاتفاق الأمريكي الحوثي الذي أعلنته مسقط سيشعل فتيل الثورة ضد المليشيا وسيمثل المسمار الأخير في نعش الكهنوت الحوثي.