آراء

زنجبار عاصمة أبين التي كانت تُشبه الحديقة

اللواء/ ناصر الفضلي

|
قبل 2 ساعة و 7 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

زنجبار ليست مجرد مدينة،إنها ذاكرة»، «وطفولة»، «وخطوات أولى نحو الحياة.
هناك حيث بدأت أول حروف الدراسة،وحيث وقف المعلّم سالم عوض بلعيدي ـ حفظه الله ـ
يخط على السبورة معنى الانضباط والحب معًا.
وهناك أيضًا، رحل الأستاذ نصيب عوض و الأستاذ عبود إلى رحمة الله،وبقيت ذكراهم صوتًا يهمس من بين دفاتر الزمن،
يحضرون كلما تذكرنا مقاعد الصف…رحمهم الله رحمة واسعة جعلت الجنة دارهم ومستقرهم.

كانت زنجبار يومها حديقة واسعة ممتدة،مدينة لا تعرف حرارة الشمس رغم سمرة الجنوب،لأن الأشجار العملاقة كانت تبسط ظلالها كأمٍّ حنون،تحضن الطرقات، والأسواق، والبيوت، والأرواح وكانت البساتين تحيط المدينة كعقد أخضر،وكانت أبين السلة الغذائية للجنوب واليمن،
تفيض خضرة وبركة وخيرًا.
حتى إن الداخل إليها كان يشعر أنه يدخل جنة صغيرة،مكتملة بالريحان، بالنخيل، وبسيول الحياة التي لا تنقطع ، كان السوق القديم ينبض بالدفء،والناس أهل… أهل قبل أن يكونوا جيران، قلوب صافية، صدور رحبة، ضحكات حقيقية لا تصطنع ومن هناك خرجت الرجولة والقيادة والزعامة،فالرجال من أبين لا تُربّيهم الصدفة،بل التجارب، والكرامة، وصفاء الأرض.

لكن… ماذا فعلت السنوات بمدينتنا؟

اليوم يا زنجبار لم نعد نراك كما عهدناك،أصبحتِ كالطير الذي سُلب ريشه،يفتح جناحيه ولا يستطيع الطيران،البساتين التي كانت سورك الأخضر،أضحت ذكرى، الأشجار التي كانت ظلًّا، أصبحت حكاية تُروى، والمدينة التي كانت تنبض بالحياة،أصبحت جريحة… مثخنة… وحيدة،ليس الجفاف وحده من أخذ منك جمالك، ولا الحروب وحدها من مزّقتك،بل خذلان من كان يجب أن يحميك،أن يشهد لك بما قدمتِ،أن ينهض ليرد لك ما سُلب منك.

ومع ذلك…تبقى زنجبار أصيلة لا تموت، فالمدينة ليست شجرًا ولا إسمنتًا فقط،المدينة قلبٌ، وروح، وذاكرة حية،وزنجبار ما زال قلبها يخفق،
لأن فيها من بقي يحبها،ويحملها في صدره كما تحمل الأم طفلها، الذين وإن تكسّرت المدينة أمامهم،
لم تتكسّر محبتهم لها يومًا.

ختامًا

زنجبار ستعود،ليس لأن الظروف سترحمها،بل لأنها تستحق الحياة،ولأن أهلها ما زالوا رجال موقف،وما ضاعت مدينة ملك أهلها الوفاء والصبر، سيأتي اليوم الذي تعود فيه خضراء كما عهدناها،وتعود البساتين تروي الأرض،وتعود الأزقة تضحك كما كانت، فالأرض التي أنجبت رجال أبين… لا تموت.
 

اللواء دكتور ناصرالفضلي

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية